الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
ولما بين تعالى حال قدرته وعلمه وحكمته أتبعه ببيان أنه كيف يخص أنبياءه بوحيه وكلامه فقال تعالى: {وما كان} أي: وما صح {لبشر} من الأقسام المذكورة وحل المصدر الذي هو اسم كان ليقع التصريح بالفاعل والمفعول على أتم الوجوه فقال تعالى: {أن يكلمه} وأظهر موضع الإضمار إعظامًا للوحي وتشريفًا لمقداره فقال تعالى: {الله} أي: يوجد الملك الأعظم الجامع بصفات الكمال في قلبه كلامًا {إلا} أن يوحي إليه {وحيًا} أي: كلامًا خفيًا يوجده فيه بغير واسطة بوجه خفي لا يطلع عليه أحد إما بمشافهة كما ورد في حديث المعراج، وإما بإلهام أو رؤية منام كما رأى إبراهيم عليه السلام في المنام أن يذبح ولده، أو بغير ذلك سواء خلق الله تعالى في المتكلم قوة السماع له وهو أشرف هذه الأقسام أم لا ومن الثاني قوله تعالى: {وأوحينا إلى أم موسى} (القصص).{وأوحى ربك إلى النحل} (النحل).{وأوحى في كل سماء أمرها} (فصلت).{أو} إلا {من وراء حجاب} أي: من وجه لا يرى فيه المتكلم مع السماع للكلام على وجه الجهر كما وقع لموسى عليه السلام {أو يرسل رسولًا} من الملائكة إما جبريل عليه السلام أو غيره.تنبيه:ذكر المفسرون: أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ألا تكلم الله تعالى وتنظر إليه إن كنت نبيًّا كما كلمه موسى ونظر إليه؟ فقال: لم ينظر موسى إلى الله عز وجل فأنزل الله تعالى: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولًا}، {فيوحي} أي: الرسول إلى المرسل إليه أن يكلمه {بإذنه} أي: الله تعالى: {ما يشاء} أي: الله عز وجل، وقرأ نافع برفع اللام من يرسل وسكون الياء من يوحي والباقون بنصب اللام والياء أما القراءة الأولى ففيها ثلاثة أوجه؛ أحدها: أنه رفع على إضمار مبتدأ، أي: هو يرسل، ثانيها: أنه عطف على وحيًا على أنه حال لأن وحيًا في تقدير الحال أيضًا فكأنه قال: إلا موحيًا إليه أو مرسلًا، ثالثها: أن يعطف على ما يتعلق به من وراء إذ تقديره أو يسمع من وراء حجاب ووحيًا في موضع الحال عطف عليه ذلك المقدر المعطوف عليه أو يرسل، والتقدير: إلا موحيًا أو مسمعًا من وراء حجاب أو مرسلًا.وأما القراءة الثانية: ففيها ثلاثة أوجه؛ أحدها: أن يعطف على المضمر الذي يتعلق به من وراء حجاب إذ تقديره أو يكلمه من وراء حجاب وهذا الفعل المقدر معطوف على وحيًا، والمعنى: إلا بوحي أو سماع من وراء حجاب أو إرسال رسول، ولا يجوز أن يعطف على أن يكلمه لفساد المعنى إذ يصير التقدير: وما كان لبشر أن يرسل الله رسولًا بل يفسد لفظًا ومعنى، وقال مكي: لأنه يلزم منه نفي الرسل ونفي المرسل إليهم، ثانيها: أن ينصب بأن مضمرة وتكون هي وما نصبته معطوفين على وحيًا ووحيًا حال فيكون هذا أيضًا حالًا والتقدير: إلا موحيًا أو مرسلًا، ثالثها: أنه معطوف على معنى وحيًا فإنه مصدر مقدر بأن والفعل والتقدير: إلا بأن يوحي إليه أو بأن يرسل ذكره مكي وأبو البقاء {إنه} أي: هذا الذي له هذا التصرف العظيم في هذا الوحي الكريم {علي} أي: بالغ العلو جدًّا عن صفات المخلوقين {حكيم} يفعل ما تقتضيه حكمته فيكلم تارة بواسطة وتارة بغير واسطة إما عيانًا وإما من وراء حجاب.{وكذلك} أي: ومثل إيحائنا إلى غيرك من الرسل {أوحينا} بما لنا من العظمة {إليك} يا أفضل الرسل قال ابن عباس: نبوة وقال الحسن: رحمة وقال السدي: وحيًا وقال الكلبي: كتابًا وقال الربيع: جبريل وقال مالك بن دينار: القرآن، وسمي الوحي روحًا؛ لأنه مدبر الروح كما أن الروح مدبر للبدن وزاد عظمته بقوله تعالى: {من أمرنا} أي: الذي نوحيه إليك.ثم بين تعالى حال نبيه محمد صلى الله عليه وسلم قبل الوحي بقوله سبحانه: {ما كنت} أي: فيما قبل الأربعين التي مضت لك وأنت بين ظهراني قومك {تدري} أي: تعرف قبل الوحي إليك {ما الكتاب} أي: القرآن {ولا الإيمان} أي: تفصيل الشرايع على ما جددناه لك بما أوحيناه إليك وهو صلى الله عليه وسلم وإن كان قبل النبوة قد كان مقرأ بوحدانية الله تعالى وعظمته، فإنه كان يصلي ويحج ويعتمر ويبغض اللات والعزى ولا يأكل ما ذبح على النصب لكنه لم يكن يعلم الرسل على ما هم عليه، ولا شك أن الشهادة له صلى الله عليه وسلم نفسه بالرسالة ركن الإيمان ولم يكن له علم بذلك وكذلك الملائكة، فصح نفي المنفي لفواته بفوات جزئه وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة: الإيمان هنا الصلاة لقوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} (البقرة).أي: صلاتكم، وقيل: هذا على حذف ومعناه: ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان حين كنت طفلًا في المهد، وقيل: الإيمان عبارة عن الإقرار بجميع ما كلف الله تعالى به، وقال بعضهم: صفات الله تعالى على قسمين: منها ما يمكن معرفته بمحض دلائل العقول ومنها: ما لا يمكن معرفته إلا بالدلائل السمعية فهذا القسم الثاني لم تكن معرفته حاصلة قبل النبوة.تنبيه:ما؛ الأولى نافية والثانية استفهامية والجملة الاستفهامية معلقة للدراية فهي في محل نصب لسدها مسد مفعولين والجملة المنفية بأسرها في محل نصب على الحال من الكاف في إليك، وفي الآية دليل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن متعبدًا قبل النبوة بشرع وفي المسألة خلاف للعلماء فقيل: كان يتعبد على دين إبراهيم عليه السلام وقيل: غيره والضمير في قوله تعالى: {ولكن جعلناه نورًا} يعود إما لروحًا وإما للكتاب وإما لهما وهو أولى لأنهما مقصود واحد فهو كقوله تعالى: {والله ورسوله أحق أن يرضوه} (التوبة).وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يعني الإيمان وقال السدي: يعني القرآن {نهدي} على عظمتنا {به من نشاء} خاصة لا يقدر أحد على هدايته بغير مشيئتنا {من عبادنا} بخلق الهداية في قلبه بالتوفيق فهذه لا يقدر عليها أحد غير الله تعالى، وأما الهداية بالتبيين والإرشاد فهي قوله تعالى: {وإنك} يا أفضل الخلق {لتهدي} أي: تبين وترشد وأكده لإنكارهم ذلك {إلى صراط} أي: طريق واضح جدًّا {مستقيم} أي: شديد التقوم وهو دين الإسلام وقوله تعالى: {صراط الله} أي: الملك الأعظم الجامع لصفات الكمال وقرأ سراط في الموضعين قنبل بالسين وخلف: بالإشمام أي: بين الصاد والزاي والباقون بالصاد الخالصة. ثم وصف سبحانه وتعالى نفسه بأنه مالك لما في السماوات والأرض بقوله تعالى: {الذي له ما في السماوات وما في الأرض} خلقًا وملكًا وعبيدًا {ألا إلى الله} أي: المحيط بجميع صفات الكمال الذي تعالى عن مثل وند وهو الكبير المتعال لا إلى غيره {تصير} أي: على الدوام وإن كانت في الظاهر في ملك غيره بحيث يظن الجاهل أن ملكها مستقر له.قال أبو حيان: أخبر بالمضارع والمراد به الديمومة كقوله: زيد يعطي ويمنع أي: من شاء ذلك ولا يراد به حينئذ حقيقة المستقبل {الأمور} كلها من الخلق والأمر معنى وحسًا كما كانت الأمور كلها مبتدأة منه وحده وفي ذلك وعد للمطيعين ووعيد للمجرمين فيجازي كلًا منهم بما يستحقه من ثواب أو عقاب، وما قاله البيضاوي تبعًا للزمخشري من أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سورة حم عسق كان ممن تصلي عليه الملائكة ويستغفرون ويسترحمون له» حديث موضوع. اهـ.
.قال ابن عطية في الآيات السابقة: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.الآية الأولى آية اعتبار دال على القدرة والملك المحيط بالجميع، وأن مشيئته تبارك وتعالى نافذة في جميع خلقه وفي كل أمرهم، وهذا لا مدخل لصنم فيه، فإن الذي يخلق ما يشاء ويخترع، فإنما هو الله تبارك وتعالى، وهو الذي يقسم الخلق فيهب الإناث لمن يشاء، أي يجعل بنيه نساء، ويهب الذكور لمن يشاء على هذا الحد، أو ينوعهم مرة يهب ذكرًا ويهب أنثى، وذلك معنى قوله تعالى: {أو يزوجهم}. وقال محمد بن الحنفية: يريد بقوله تعالى: {أو يزوجهم} التوأم، أي يجعل في بطنٍ زوجًا من الذرية ذكرًا وأنثى. والعقيم: الذي لا يولد له، وهذا كله مدبر بالعلم والقدرة، وهذه الآية تقضي بفساد وجود الخنثى المشكل. وبدئ في هذه الآية بذكر الإناث تأنيسًا بهن وتشريفًا لهن ليتهمم بصونهن والإحسان إليهن، وقال النبي عليه السلام: «من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له حجابًا من النار». وقال واثلة بن الأسقع: من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر، لأن الله تعالى بدأ بالإناث، حكاه الثعلبي. وقال إسحاق بن بشر: نزلت هذه الآية في الأنبياء ثم عمت، فلوط أبو البنات لم يولد له ذكر، وإبراهيم ضده، ومحمد عليه السلام ولد له الصنفان، ويحيى بن زكرياء عقيم.وقوله تعالى: {وما كان لبشر أن يكلمه الله} الآية نزلت بسبب خوض كان للكفار في معنى تكليم الله موسى ونحو ذلك، ذهبت قريش واليهود في ذلك إلى تجسيم ونحوه، فنزلت الآية مبينة صورة تكليم الله عباده كيف هو، فبين الله أنه لا يكون لأحد من الأنبياء ولا ينبغي له ولا يمكن فيه أن يكلمه الله إلا بأن يوحي إليه أحد وجوه الوحي من الإلهام. قال مجاهد، والنفث في القلب. وقال النقاش: أو وحي في منام؟ قال إبراهيم النخعي: كان من الأنبياء من يخط له في الأرض ونحو هذا، أو بأن يسمعه كلامه دون أن يعرف هو للمتكلم جهة ولا حيزًا كموسى عليه السلام، وهذا معنى: {من وراء حجاب} أي من خفاء عن المتكلم لا يحده ولا يتصور بذهنه عليه، وليس كالحجاب في الشاهد، أو بأن يرسل إليه ملكًا يشافهه بوحي الله تعالى. وقرأ جمهور القراء والناس: {أو يرسلَ} بالنصب {فيوحيَ} بالنصب أيضًا. وقرأ نافع وابن عامر وأهل المدينة: {أو يرسلُ} بالرفع {فيوحيَ} بالنصب أيضًا. وقرأ نافع وابن عامر وأهل المدينة: {أو يرسلُ} بالرفع {فيوحي} بسكون الياء ورفع الفعل. فأما القراءة الأولى فقال سيبويه: سألت الخليل عنها فقال: هي محمولة على {أن} غير التي في قوله: {أن يكلمه الله} لأن المعنى كان يفسد لو عطف على هذه، وإنما التقدير في قوله: {وحيًا} إلا أن يوحي وحيًا.وقوله: {من وراء حجاب}، {من} متعلقة بفعل يدل ظاهر الكلام عليه، تقديره: أو يكلمه من وراء حجاب، ثم عطف: {أو يرسل} على هذا الفعل المقدر.وأما القراءة الثانية فعلى أن {يرسل} في موضع الحال أو على القطع، كأنه قال: أو هو يرسل، وكذلك يكون قوله: {إلا وحيًا} مصدر في موضع الحال، كما تقول: أتيتك ركضًا وعدوًا، وكذلك قوله: {من وراء حجاب} في موضع الحال كما هو قوله: {ويكلم الناس في المهد وكهلًا ومن الصالحين} [آل عمران: 46] في موضع الحال، فكذلك {من} [آل عمران: 46] وما عملت فيه هذه الآية أيضًا، ثم عطف قوله: {أو يرسلَ} على هذه الحال المتقدمة. وفي هذه الآية دليل على أن الرسالة من أنواع التكليم، وأن الحالف المرسل حانث إذا حلف أن لا يكلم إنسانًا فأرسل إليه وهو لم ينو المشافهة وقت يمينه.وقوله تعالى: {وكذلك أوحينا إليك} المعنى وبهذه الطرق ومن هذا الجنس أوحينا إليك أو بالرسل. والروح في هذه الآية: القرآن وهدى الشريعة سماه من حيث يحيي به البشر والعالم، كما يحيي الجسد بالروح، فهذا على جهة التشبيه.وقوله تعالى: {من أمرنا} أي واحد من أمورنا، ويحتمل أن يكون الأمر بمعنى الكلام، و{من} لابتداء الغاية.وقوله تعالى: {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} توقيف على مقدار النعمة. والضمير في {جعلناه} عائد على الكتاب، و{يهدي} بمعنى يرشد.وقرأ جمهور الناس: {وإنك لتَهدي} بفتح التاء وكسر الدال. وقرأ حوشب: {تُهدَى} بضم التاء وفتح الدال على بناء الفعل للمفعول، وفي حرف أبي: {لتدعو}، وهي تعضد قراءة الجمهور. وقرأ ابن السميفع وعاصم والجحدري: {لتُهدِي} بضم التاء وكسر الدال.وقوله: {صراط الله} يعني صراط شرع الله ورحمته وجنته، فبهذا الوجه ونحوه من التقدير أضيف الصراط إلى الله تعالى. واستفتح القول في الإخبار بصيرورة الأمور إلى الله تعالى مبالغة وتحقيقًا وتثبيتًا، والأمور صائرة على الدوام إلى الله تعالى، ولكن جاءت هذه العبارة مستقبلة تقريبًا لمن في ذهنه أن شيئًا من الأمور إلى البشر. وقال سهيل من أبي الجعد: احترق مصحف فلم يبق منه إلا قوله: {ألا إلى الله تصير الأمور}. اهـ..قال أبو حيان في الآيات السابقة: {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ}.{من قبل أن يأتي يوم}، قيل: هو يوم ورود الموت، والظاهر أنه يوم القيامة.و{من الله} متعلق بمحذوف يدل عليه ما مر، أي لا يرد ذلك اليوم من ما حكم الله به فيه.وقال الزمخشري: {من الله}: من صلة للأمرد.انتهى، وليس الجيد، إذ لو كان من صلته لكان معمولًا له، فكان يكون معربًا منونًا.وقيل: {من الله} يتعلق بقوله: {يأتي}، من قبل أن يأتي من الله يوم لا يقدر أحد على رده.{ما لكم من ملجأ} تلجأون إليه، فتتخلصون من العذاب، ومالكم من إنكار شيء من أعمالكم التي توردكم النار، والنكير مصدر أنكر على غير قياس.قيل: ويحتمل أن يكون اسم فاعل للمبالغة، وفيه بعد، لأن نكر معناه لم يميز.{فإن أعرضوا} الآية: تسلية للرسول وتأنيس له، وإزالة لهمه بهم.والإنسان: يراد به الجنس، ولذلك جاء: {وإن تصبهم سيئة}.وجاء جواب الشرط {فإن الإنسان} ولم يأت فإنه، ولا فإنهم، ليدل على أن هذا الجنس موسوم بكفران النعم، كما قال: {إن الإنسان لظلوم كفار} {إن الإنسان لربه لكنود} ولما ذكر أنه يكفر النعم، أتبع ذلك بأن له ملك العالم العلوي والسفلي، وأنه يفعل ما يريد، ونبه على عظيم قدرته، وأن الكائنات ناشئة عن إرادته، فذكر أنه يهب لبعض إناثًا، ولبعض ذكورًا، ولبعض الصنفين، ويعقم بعضًا فلا يولد له.وقال إسحق بن بشر: نزلت هذه الآية في الأنبياء، ثم عمت.فلوط أبو بنات لم يولد له ذكور، وإبراهيم ضده، ومحمد صلى الله عليه وسلم وعليهما ولد له الصنفان، ويحي عقيم. انتهى.وذكر أيضًا مع لوط شعيب، ومع يحي عيسى، وقدم تعالى هبة البنات تأنيسًا لهن وتشريفًا لهن، ليهتم بصونهن والإحسان إليهن.وفي الحديث: «من ابتلي بشيء من هذه البنات فأحسن إليهن كن له سترًا من النار» وقال واثلة بن الأسقع: من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر، لأن الله تعالى بدأ بالإناث.وقال الزمخشري: فإن قلت: لم قدم الإناث على الذكور مع تقدمهم عليهن، ثم رجع فقدمهم؟ ولم عرف الذكور بعد ما نكر الإناث؟ قلت: لأنه ذكر البلاء في آخر الآية الأولى.وكفران الإنسان: نسيانه الرحمة السابقة عنده.ثم ذكره بذكر ملكه ومشيئته، وذكر قسمة الأولاد، فقدم الإناث، لأن سياق الكلام أنه فاعل ما يشاؤه، لا ما يشاء الإنسان، فكان ذكر الإناث اللائي من جملة ما لا يشاؤه الإنسان أهم، والأهم أوجب التقديم.
|